فصل: باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


فصل في الجنين

لما أنهى الكلام على أحكام الأجزاء الحقيقية عقبه بأحكام الجزء الحكمي وهو الجنين لكونه في حكم الجزء من الأم، وهو فعيل بمعنى مفعول من جنه إذا ستره من باب طلب، وهو الولد ما دام في الرحم ط ملخصا ويكفي استبانة بعض خلقه كظفر وشعر كما سيأتي متنا ‏(‏قوله ضرب بطن امرأة‏)‏ وكذا لو ضرب ظهرها أو جنبها أو رأسها أو عضوا من أعضائها فتأمل‏.‏ رملي، ونحوه في أبي السعود عن التحرير، وقال السائحاني‏:‏ يؤخذ مما يأتي من قوله‏:‏ أسقطته بدواء أو فعل أن البطن والضرب ليسا بقيد، حتى لو ضرب رأسها أو عالجت فرجها ففيه الضمان كما صرحوا به ا هـ‏.‏ وقال في الخيرية‏:‏ وقد أفتى والد شيخنا أمين الدين بن عبد العال إذا صاح على امرأة فألقت جنينا لا يضمن وإذا خوفها بالضرب يضمن‏.‏ وأقول‏:‏ وجه الفرق أن في موتها بالتخويف وهو فعل صادر منه نسب إليه وبالصياح موتها بالخوف الصادر منها وصرحوا أنه لو صاح على كبير فمات لا يضمن، وأنه لو صاح عليه فجأة فمات منها تجب الدية‏.‏ وأقول‏:‏ لا مخالفة؛ لأنه في الأول مات بالخوف المنسوب إليه، وفي الثاني بالصيحة فجأة المنسوبة إلى الصائح والقول للفاعل أنه مات من الخوف، وعلى الأولياء البينة أنه من التخويف‏.‏ وعلى هذا فلو صاح على المرأة فجأة فألقت من صيحته يضمن ولو ألقت امرأة غيرها لا يضمن لعدم تعديه عليها فتأمل‏.‏ه فإنه تحرير جيد ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله خرج الأمة والبهيمة‏)‏ فيه نشر مشوش ‏(‏قوله وسيجيء حكمها‏)‏ أي في هذا الفصل ‏(‏قوله أو من المغرور‏)‏ كما لو تزوجها على أنها حرة أو شراها فاستحقت وقد علقت منه ‏(‏قوله فالعجب من المصنف كيف لم يذكره‏)‏ أي مع شدة متابعته للدرر، فكان عليه أن يسقط التقييد بالحرية أولا ويذكره بعد قوله فألقت جنينا ميتا كما فعل الشارح، أو يقول‏:‏ ضرب بطن امرأة حامل بحر لئلا يوهم أن حرية الأم شرط ‏(‏قوله غرة الشهر أوله إلخ‏)‏ بيان لوجه التسمية ‏(‏قوله وهذه أول مقادير الدية‏)‏ فإن أقل أرش مقدر نصف العشر كما مر في الشجاج ‏(‏قوله أي دية الرجل إلخ‏)‏ يعني أن المراد من الدية في كلام المصنف دية الرجل ونصف عشرها هو خمسمائة درهم، وذلك هو غرة الجنين ذكرا أو أنثى؛ لأن غرة الجنين الأنثى عشر دية المرأة وذلك خمسمائة أيضا؛ لأن دية المرأة نصف دية الرجل‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه لا فرق بين غرة الذكر والأنثى ولهذا لم يبين المصنف أنه ذكر أو أنثى ‏(‏قوله في سنة‏)‏ أي على العاقلة كما سيصرح به وهذا في جنين الحرة، أما الأمة ففي مال الضارب حالا كما سيأتي ‏(‏قوله ولنا فعله عليه الصلاة والسلام‏)‏ وهو ما روي عن محمد بن الحسن أنه قال‏:‏ «بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالغرة على العاقلة في سنة» زيلعي‏.‏ واعلم أن وجوب الغرة مخالف للقياس‏.‏ روي أن سائلا قال لزفر‏:‏ لا يخلو من أنه مات بالضرب ففيه دية كاملة، أو لم ينفخ فيه الروح فلا شيء فيه فسكت زفر فقال له السائل‏:‏ أعتقتك سائبة فجاء زفر إلى أبي يوسف فقال التعبد التعبد‏:‏ أي ثابت بالسنة من غير أن يدرك بالعقل عناية ملخصا ‏(‏قوله فإن ألقته حيا‏)‏ تثبت حياته بكل ما يدل على الحياة من الاستهلال، والرضاع، والنفس، والعطاس وغير ذلك‏:‏ أما لو تحرك عضو منه فلا؛ لأنه قد يكون من اختلاج أو من خروج من ضيق ا هـ‏.‏ ط عن المكي ‏(‏قوله فدية كاملة‏)‏ أي وكفارة كما في الاختيار وسيأتي؛ لأنه شبه عمد أو خطأ والدية على العاقلة هنا أيضا، وبه صرح في الجوهرة والاختيار، فقول المصنف في المنح‏:‏ على الضارب على حذف مضاف، أو مبني على الصحيح من أن الوجوب على الضارب أولا، ثم تتحمله عنه العاقلة كما قدمناه في فصل الفعلين، ولذا لم يقل في ماله تأمل ‏(‏قوله وإن ألقته ميتا فماتت الأم إلخ‏)‏ بيان لموت كل منهما وهو أربع صور؛ لأن خروجه إما في حال حياة الأم فقط أو حال موتهما أو موتها فقط أو حياتهما‏.‏ ‏(‏قوله لما تقرر إلخ‏)‏ كما إذا رمى فأصاب شخصا ونفذ منه إلى آخر فقتله فإنه يجب عليه ديتان إن كانا خطأ وإن كان الأول عمدا يجب القصاص والدية زيلعي ‏(‏قوله وظاهره تعدد الدية‏)‏ أي لو ألقهما حيين فماتا ‏(‏قوله ولم أره فليراجع‏)‏ أقول‏:‏ صرح به في الجوهرة والدرر، وقال الرملي‏:‏ وفي شرح الطحاوي‏:‏ ولو ألقت جنينين تجب غرتان، وإن أحدهما حيا فمات والآخر ميتا فغرة ودية، وإن ماتت الأم ثم خرجا ميتين تجب دية الأم وحدها إلا إذا خرجا حيين فماتا فثلاث ديات وعلى هذا يقاس، وإن خرج أحدهما قبل موت الأم والآخر بعد موتها وهما ميتان ففي الذي خرج قبل الغرة ولا شيء في الذي خرج بعد، والذي خرج قبل موت أمه لا يرث من دية أمه شيئا وترث الأم منه، والآخر لا يرث من أحد، ولا يورث عنه إلا إذا خرج حيا ثم مات ففيه الدية كاملة، ويرثها ورثته كذا في التتارخانية مختصرا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فدية فقط‏)‏؛ لأن موت الأم سبب لموته ظاهرا إذ حياته بحياتها وتنفسه بتنفسها فيتحقق موته بموتها، فلا يكون في معنى ما ورد به النص إذ الاحتمال فيه أقل فلا يضمن بالشك زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله ولا يرث ضاربه منها‏)‏ أي ولا من غيرها؛ لأنه قاتل مباشرة ‏(‏قوله وفي جنين الأمة‏)‏ أي الذي ألقته ميتا كما هو موضوع المسألة، قوله لو حيا راجع إلى قيمته‏:‏ أي قيمته لو فرض حيا، أما لو ألقته حيا ثم مات من ضربه ففيه القيمة بتمامها كما سيشير إليه الشارح، وقوله‏:‏ الرقيق احتراز عما إذا كان من مولاها أو من المغرور فإنه حر، وفيه الغرة على العاقلة كما قدمه، وقوله لو أنثى مقابل قوله الذكر لا قوله لو حيا‏.‏ ‏(‏قوله ولا يلزم زيادة الأنثى‏)‏ أي فيما إذا كانت قيمتها أكثر من قيمة الغلام؛ لأنه نادر والغالب زيادة قيمة الذكر‏.‏ أقول‏:‏ وفيه نظر‏.‏ وقد يقال‏:‏ لا محذور في اللزوم المذكور؛ لأن اعتبار زيادة الذكر على الأنثى إنما هو في الأحرار لشرف الحرية، لا في الأرقاء؛ لأنهم كالمتاع ولذا لم تقدر لهم دية ‏(‏قوله فلا شيء عليه‏)‏ تبع فيه القهستاني والذي في الكفاية والعناية وغيرهما أنه يؤخذ بالمتقن كقتل عبد خنثى خطأ، ولو ضاع الجنين ووقع النزاع في قيمته باعتبار لونه وهيئته على تقدير حياته فالقول للضارب لإنكاره الزيادة ‏(‏قوله كما إذا ألقي بلا رأس‏)‏ تنظير لا تمثيل‏.‏ أقول‏:‏ وسيأتي أن ما استبان بعض خلقه كتام الخلقة ولعل المراد بعد استبانة الرأس إذ لا حياة بدونه بخلاف غيره من الأعضاء تأمل ‏(‏قوله في مال الضارب‏)‏؛ لأن العاقلة لا تعقل الرقيق اختيار تأمل، وقوله للأمة كذا في بعض النسخ وهو متعلق بالضارب‏.‏ قال ط‏:‏ وهذا حكم الجنين، وأما إذا ماتت الأم قال في الهندية عن الذخيرة قال أبو حنيفة‏:‏ على الضارب قيمة الأم في ثلاث سنين ا هـ‏.‏ فليتأمل ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والحاصل أن الجنين كعضو منها، سيأتي آخر المعاقل أن الحر إذا جنى على نفس عبد خطأ فهي على عاقلته إذا قتله؛ لأن العاقلة لا تتحمل أطراف العبد ‏(‏قوله به‏)‏ أي بنقصان الولادة ‏(‏قوله وإلا‏)‏ بأن انتقصت عشرة مثلا وقيمة الجنين خمسة فعليه عشرة ‏(‏قوله وقال أبو يوسف إلخ‏)‏ هذا غير ظاهر الرواية عن أبي يوسف قال في المبسوط‏:‏ ثم وجوب البدل في جنين الأمة قول أبي حنيفة ومحمد، وهو الظاهر من قول أبي يوسف وعنه في رواية أنه لا يجب إلا نقصان الأم إن تمكن فيها نقص، وإن لم يتمكن لا يجب شيء عناية ‏(‏قوله بعد ضربه‏)‏ فلو حرره قبله وله أب حر ففيه الغرة للأب دون المولى تتارخانية‏.‏ ‏(‏قوله ضرب بطن الأمة‏)‏ بدل من قوله ضربه وأشار إلى أن المصدر مضاف لمفعوله، ويجوز عود الضمير إلى الجنين، فيتحد مرجع الضمائر تأمل ‏(‏قوله للمولى‏)‏ قال أبو الليث‏:‏ لم يذكر محمد أنها للمولى أو لورثة الجنين، فيجوز أن يقال إنها للمولى لاستناد الضمائر إلى الضرب ووقت الضرب كان مملوكا أتقاني ملخصا وذكر في التتارخانية اختلاف المشايخ فيه‏:‏ فقيل لورثته وقيل للجنين ‏(‏قوله؛ لأن المعتبر حالة الضرب‏)‏؛ لأنه قتله بالضرب السابق، وقد كان في حالة الرق، فلهذا تجب القيمة دون الدية وتجب قيمته حيا؛ لأنه صار قاتلا إياه وهو حي فنظرنا إلى حالتي السبب والتلف هداية يعني أوجبنا القيمة دون الدية اعتبارا بحالة الضرب، وأوجبنا قيمته حيا لا مشكوكا في حياته باعتبار حالة التلف إذ لو اعتبر حالة الضرب فقط جاز أن لا يكون حيا فلا تجب قيمته بل تجب الغرة كفاية ملخصا

‏(‏قوله ففيه الكفارة‏)‏؛ لأنه أتلف آدميا خطأ أو شبه عمد ‏(‏قوله كذا صرح به في الحاوي القدسي‏)‏ أقول‏:‏ وكذا صرح به في الاختيار كما قدمناه منه، وسيذكره الشارح عن الواقعات ‏(‏قوله وهو مفهوم إلخ‏)‏ فيه اعتذار عن عدم التصريح بالتفصيل في كثير من الكتب حيث أطلقوا قولهم ولا كفارة في الجنين ‏(‏قوله وما استبان بعض خلقه إلخ‏)‏ تقدم في باب الحيض أنه لا يستبين خلقه إلا بعد مائة وعشرين يوما، وظاهر ما قدمه عن الذخيرة أنه لا بد من وجود الرأس، وفي الشمني‏:‏ ولو ألقت مضغة ولم يتبين شيء من خلقه فشهدت ثقات من القوابل أنه مبدأ خلق آدمي ولو بقي لتصور فلا غرة فيه وتجب فيه عندنا حكومة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وعدة ونفاس‏)‏ أي تنقضي به العدة وتصير به أمه نفساء ‏(‏قوله ففي مالها‏)‏ أي في رواية وعلى عاقلتها في رواية وهو المختار جامع الفصولين‏:‏ أي لما سيأتي آخر المعاقل أن من لا عاقلة له فالدية في بيت المال في ظاهر الرواية، وعليه الفتوى، وإن رواية وجوبها في ماله شاذة ويأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى ‏(‏قوله ولا تأثم‏)‏ الأنسب في التعبير وأثمت؛ لأن الكلام عند وجوب الغرة وهي لا تجب إلا باستبانة بعض الخلق، ثم يقول‏:‏ ولو لم يستبن بعض خلقه فلا إثم ط‏.‏ وفي الخانية قالوا إن لم يستبن شيء من خلقه لا تأثم قال رضي الله عنه‏:‏ ولا أقول به إذ المحرم إذا كسر بيض الصيد يضمن؛ لأنه أصل الصيد فلما كان مؤاخذا بالجزاء ثمة فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بلا عذر إلا أنها لا تأثم إثم القتل ا هـ‏.‏ ولا يخفى أنها تأثم إثم القتل لو استبان خلقه ومات بفعلها‏.‏

‏(‏قوله أسقطته عمدا‏)‏ كذا قيد به في الكفاية وغيرها قال في الشرنبلالية وإلا فلا شيء عليها وفي حق غيرها لا يشترط قصد إسقاط الولد كما في الخانية ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كضربها بطنها‏)‏ وكما إذا عالجت فرجها حتى أسقطت كفاية أو حملت حملا ثقيلا تتارخانية أي على قصد إسقاطه كما علم مما مر ‏(‏قوله فإن أذن لا‏)‏ ذكره الزيلعي وصاحب الكافي وغيرهما‏.‏ وقال في الشرنبلالية‏:‏ أقول هذا يتمشى على الرواية الضعيفة لا على الصحيح لما قال في الكافي قال لغيره‏:‏ اقتلني فقتله تجب الدية في ماله في الصحيح؛ لأن الإباحة لا تجري في النفوس وسقط القصاص للشبه، وفي رواية لا يجب شيء؛ لأن نفسه حقه، وقد أذن بإتلاف حقه انتهى، فكذا الغرة أو دية الجنين حقه غير أن الإباحة منتفية، فلا تسقط الغرة عن عاقلة المرأة بمجرد أمر زوجها بإتلاف الجنين، ولأن أمرها لا ينزل عن فعله، فإنه إذا ضرب امرأته فألقت جنينا لزم عاقلته الغرة ولا يرث منها، فلو نظرنا لكون الغرة حقه لم يجب بضربه شيء، ولكن لما كان الآدمي لا يملك أحد إهدار آدميته لزم ما قدره الشارع بإتلافه، واستحقه غير الجاني ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ أقول‏:‏ وفيه نظر لما صرحوا به من أن الجنين لم يعتبر نفسا عندنا لعدم تحقق آدميته وأنه اعتبر جزءا من أمه من وجه ولذا لا تجب فيه القيمة أو الدية كاملة ولا الكفارة ما لم تتحقق حياته، وقدمنا أن وجوب الغرة تعبدي فلا يصح إلحاقه بالنفس المحققة حتى يقال‏:‏ إن الإباحة لا تجري في النفوس، فلا يلزم من تصحيح الضمان في الفرع المار تصحيحه في هذا، وتقدم أول الجنايات أنه لو قال اقطع يدي أو رجلي لا شيء فيه وإن سرى لنفسه؛ لأن الأطراف كالأموال فصح الأمر، فإلحاقه بهذا الفرع أولى؛ لأنه إذا لم يكن هو الضارب فالحق له وقد رضي بإتلاف حقه، بخلاف ما إذا كان هو الضارب فإنها حق غيره ولذا لا يرث منه هذا ما ظهر لفهمي القاصر فتأمل‏.‏ه ‏(‏قوله ولو أمرت امرأة‏)‏ أي أمرت الزوجة غيرها، والظاهر أن عدم الضمان بعد أن أذن لها زوجها في الإسقاط على ما يدل عليه سوق كلام صاحب الخلاصة، وإلا فمجرد أمر الأم لا يكون سببا لسقوط حق الأب وهو ظاهر ا هـ‏.‏ واني، لكن ذكر عزمي أن نفي الضمان عن المأمورة لا يلزم منه نفيه عن الآمرة إذا لم يأذن لها زوجها، وقد اعترض الشرنبلالي هنا بنظير ما مر وعلمت ما فيه فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله لاستحالة الدين‏)‏ أي لاستحالة وجوب دين وهو الغرة للمولى على مملوكه ط‏.‏ ‏(‏قوله ما لم تستحق إلخ‏)‏ قال في الزيادات‏:‏ اشترى أمة وقبضها وحبلت منه ثم ضربت بطنها عمدا فأسقطته ميتا، ثم استحقها رجل بالبينة وقضى له بها أو بعقرها على المشتري يقال للمستحق إنها قتلت ولدها الحر؛ لأن ولد المغرور حر بالقيمة والجنين الحر مضمون بالغرة فادفع أمتك أو افدها بغرته تتارخانية‏.‏ ثم قال في جامع الفصولين‏:‏ أقول‏:‏ إذا أخذ الغرة ينبغي أن يجوز للمستحق أن يطالبه بقيمة الجنين إذ قيام البدل كقيام المبدل ا هـ‏.‏ لكن سلم له الغرة فيغرم بحسابها وتمامه في ط عن الهندية ‏(‏قوله للمولى‏)‏ أي المستولد ‏(‏قوله فعليها الدية والكفارة‏)‏ أي ولو بإذن الزوج لتحقق الجناية على نفس حية فلا تجري فيها الإباحة، بخلاف ما إذا ألقته ميتا فتسقط الغرة عنها لو بإذنه كما مر تأمل ‏(‏قوله ويجب في جنين البهيمة إلخ‏)‏ هذا إذا ألقته ميتا، أما إذا ألقته حيا فمات من الضرب تجب قيمته في ماله حالة ولا يجبر بها نقصان الأم كما يجبر نقصان الأمة بقيمة جنينها؛ لأنه مال أتلفه فيضمنه مع نقصان الأم تأمل رملي ‏(‏قوله ووقع أحد الولدين حيا إلخ‏)‏ أي ثم مات ‏(‏قوله وماتت أيضا‏)‏ أي ثم ماتت الأم أيضا كما عبر في التتارخانية فأفاد أن موتها بعد موت الذي وقع حيا إذ لو ماتت قبله لورث القصاص على أبيه فيسقط كما قاله المحشي الحلبي ‏(‏قوله وتجب غرة الولد الميت‏)‏ لو أسقط تجب وعطف الغرة على الدية لكان أولى، ليفيد أنها على العاقلة أيضا، وإنما لم تجب فيه الدية أيضا لعدم التحقق بحياته كما مر‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه لما ضرب إلخ‏)‏ تعليل لوجوب الدية على عاقلته لا في ماله، إذ لو كان الضرب بالنسبة للولد عمدا لم تجب على العاقلة، ومقتضاه لو علم بالولدين وقصد ضربهما أيضا أنه تجب دية الحي في ماله في ثلاث سنين لسقوط القصاص بشبهة الأبوة، أما لو علم بهما ولم يقصد ضربهما بل قصد ضرب الأم فقط لا تجب دية الحي في ماله كمن قصد رمي شخص فنفذ منه السهم إلى آخر تأمل، والله تعالى أعلم‏.‏

باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره

‏(‏قوله إلى طريق العامة‏)‏ أي النافذة الواقعة في الأمصار والقرى دون الطريق في المفاوز والصحاري؛ لأنه يمكن العدول عنها غالبا كما في الزاهدي، وطريق العامة ما لا يحصى قومه، أو ما تركه للمرور قوم بنوا دورا في أرض غير مملوكة فهي باقية على ملك العامة وهذا مختار شيخ الإسلام والأول مختار الإمام الحلواني كما في العمادي قهستاني ‏(‏قوله أو جرصنا‏)‏ بضم الجيم وسكون الراء وضم الصاد المهملة وهو دخيل أي ليس بعربي أصلي فقد اختلف فيه فقيل البرج وقيل مجرى ماء يركب في الحائط‏.‏ وعن الإمام البزدوي جذع يخرجه الإنسان من الحائط ليبني عليه مغرب‏.‏ قال العيني‏:‏ وقيل هو الممر على العلو وهو مثل الرف، وقيل هو الخشبة الموضوعة على جدار السطحين ليتمكن من المرور وقيل هو الذي يعمل قدام الطاقة لتوضع عليه كيزان ونحوها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كبرج إلخ‏)‏ حكاية للأقوال المارة في تفسير الجرصن ‏(‏قوله ونحوها‏)‏ هو في عبارة العيني بمعنى نحو الكيزان ‏(‏قوله أو دكانا‏)‏ هو الموضع المرتفع مثل المصطبة عيني ‏(‏قوله فإن ضر لم يحل‏)‏ كان عليه أن يقول فإن ضر أو منع لم يحل ا هـ‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ ويحل له الانتفاع بها وإن منع عنه كما في الكرماني، وقال الطحاوي‏:‏ إنه لو منع عنه لا يباح له الإحداث ويأثم بالانتفاع والترك كما في الذخيرة ‏(‏قوله من أهل الخصومة‏)‏ هو الحر البالغ العاقل بخلاف العبيد والصبيان المحجورين، وأفاد في الدرر المنتقى أن لهم ذلك بالإذن ‏(‏قوله ولو ذميا‏)‏؛ لأن له حقا في الطريق كفاية‏.‏ وعبارة التتارخانية‏:‏ ويدخل فيه الكافر خصوصا إذا كان ذميا ا هـ‏.‏ فتنبه ‏(‏قوله سواء كان فيه ضرر أو لا‏)‏ هذا هو الصحيح من مذهب الإمام وقال محمد‏:‏ له المنع لا الرفع، وقال أبو يوسف لا ولا، وهذا إذا علم إحداثه فلو لم يعلم جعل حديثا فللإمام نقضه وعن أبي يوسف إنما ينقضه إن ضر بهم در منتقى ‏(‏قوله وقيل إلخ‏)‏ قائله إسماعيل الصفار كما في الزيلعي ‏(‏قوله وإلا كان تعنتا‏)‏؛ لأنه لو أراد إزالة الضرر عن الناس لبدأ بنفسه كفاية ‏(‏قوله بغير إذن الإمام‏)‏ فإن أذن فليس لأحد أن يلزمه وأن ينازعه، لكن لا ينبغي للإمام أن يأذن به إذا ضر بالناس بأن كان الطريق ضيقا، ولو رأى المصلحة مع ذلك وأذن جاز ا هـ‏.‏ حموي عن مسكين وفي الشمني أنه مع الضرر لا يجوز بلا خلاف أذن الإمام أو لم يأذن ا هـ‏.‏ ط ولعل المراد يأثم به، وإن لم يكن لأحد منازعته؛ لأن منازعة ما يوضع بإذن الإمام افتيات على الإمام، فلا يخالف ما قبله تأمل‏.‏ ‏(‏قوله زاد الصفار إلخ‏)‏ هو القيل المتقدم المفصل، فلا وجه لإعادته وظاهر كلامهم اعتماد الإطلاق لحكايتهم، هذا القول منسوبا إلى الكفار به بعد حكاية الحكم أولا مطلقا، فكأنه قول الجميع، والوجه‏:‏ أن النهي عن المنكر لا يتقيد بكون الناهي متباعدا عن هذا المنكر كما سبق في الحظر ط‏.‏ أقول‏:‏ هذا الوجه إنما يظهر لو كان فيه ضرر؛ لأنه حينئذ منكر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله وإن بنى للمسلمين‏)‏ أي ولم يضر بهم كما في القهستاني ‏(‏قوله أو بنى بإذن الإمام‏)‏ ظاهره أنه لو بنى بإذنه، فليس لأحد منازعته، وإن ضر وقدمناه صريحا عن مسكين، ويدل عليه ما سيأتي من عدم الضمان لو بإذن الإمام، وفي الكفاية وغيرها قال أبو حنيفة‏:‏ لكل أحد من عرض الناس أن يمنعه من الوضع، وأن يكلفه الرفع بعد الوضع، سواء كان فيه ضرر أو لا إذا وضع بغير إذن الإمام؛ لأن التدبير فيما يكون للعامة إلى الإمام لتسكين الفتنة فالذي وضع بغير إذنه يفتات على رأي الإمام فيه فلكل أحد أن ينكره عليه ا هـ‏.‏ والافتيات السبق صحاح فافهم ‏(‏قوله وإن كان يضر‏)‏ مقابل قوله جاز إن لم يضر ‏(‏قوله لا ضرر ولا ضرار‏)‏ أي لا يضر الرجل أخاه ابتداء ولا جزاء؛ لأن الضرر بمعنى الضر، ويكون من واحد والضرار من اثنين بمعنى المضارة، وهو أن تضر من ضرك مغرب، والضرر في الجزاء هو أن يتعدى المجازي عن قدر حقه في القصاص وغيره كفاية ‏(‏قوله والقعود‏)‏ وكذا الغرس قهستاني ‏(‏قوله يجوز إن لم يضر بأحد‏)‏ الأنسب في التعبير أن يضع هذه الجملة بعد قوله على هذا التفصيل ط ‏(‏قوله وفي غير النافذ إلخ‏)‏ المراد بغير النافذة المملوكة، وليس ذلك بعلة الملك فقد تنفذ‏:‏ وهي مملوكة وقد يسد منفذها‏:‏ وهي للعامة لكن ذلك دليل على الملك غالبا فأقيم مقامه ووجب العمل به حتى يدل الدليل على خلافه كفاية عن الجامع الصغير لفخر الإسلام ‏(‏قوله لا يجوز أن يتصرف بإحداث‏)‏ أقول في الخانية قال أبو حنيفة‏:‏ الطريق لو كان غير نافذ فلأصحابه أن يضعوا فيه الخشبة، ويربطوا فيه الدواب، ويتوضئوا فيه فلو عطب أحد لا يضمن، وإن بنى أو حفر بئرا ضمن ا هـ‏.‏ وفي الجامع الفصولين‏:‏ أراد أن يتخذ طينا فيه لو ترك من الطريق قدر المرور، ويتخذ في الأحايين مرة ويرفعه سريعا فله ذلك، ولكل إمساك الدواب على باب داره؛ لأن السكة التي لا تنفذ كدار مشتركة، ولكل من الشركاء أن يسكن في بعض الدار لا أن يبني فيها وإمساك الدواب في بلادنا من السكنى ا هـ‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ إن فعل في غير النافذة ما ليس من جملة السكنى لا يضمن حصة نفسه ويضمن حصة شركائه، وإن من جملة السكنى فالقياس كذلك والاستحسان لا يضمن شيئا ا هـ‏.‏ ومثله في الكفاية أقول‏:‏ وبه ظهر أن المراد لا يجوز إحداث شيء مما مر كالميزاب والدكان ونحو ذلك مما يبقى كما أفاده السائحاني ‏(‏قوله إلا بإذنهم‏)‏ أي كلهم حتى المشتري من أحدهم بعد الإذن لما في الخانية رجل أحدث بناء أو غرفة على سكة غير نافذة، ورضي بها أهل السكة فجاء رجل من غير أهلها واشترى دارا منها كان للمشتري أن يأمر صاحب الغرفة برفعها ا هـ‏.‏ سائحاني ‏(‏قوله لأنه كالملك‏)‏ الأولى لأنه ملك بلا تشبيه كما فعل في الهداية ودل عليه ما قدمناه عن الجامع ‏(‏قوله ثم الأصل إلخ‏)‏ فائدته أن الحديث للإمام نقضه والقديم لا ينقضه أحد كما في القهستاني قال السائحاني‏:‏ فإن بر هنا فبينة القدم في البناء تقدم وفي الكافي بينة الحدوث فعلها في غير البناء كمسيل واستطراق وقال الشيخ خير الدين عن الصغرى‏:‏ يجعل أقصى الوقت الذي تحفظه الناس حد القديم وهذا في غاية الحسن ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فديته على عاقلته‏)‏ وكذا لو جرحه إن بلغ أرشه أرش الموضحة وإن كان دونه ففي ماله كفاية وأشعر بأنه لا تجب الكفارة، ولا يحرم من الميراث كما في الذخيرة قهستاني

‏(‏قوله ملتقى‏)‏ زاد في الشرح وكذا كل ما فعل في طريق العامة ا هـ‏.‏ وفي الملتقى أيضا ويضمن من صب الماء في الطريق ما عطب به وكذا إن رشه بحيث يزلق أو توضأ به وإن فعل شيئا من ذلك في سكة غير نافذة وهو من أهلها أو قعد فيها أو وضع متاعه لا يضمن، وكذا إن رش مالا يزلق عادة أو رش بعض الطريق فتعمد المار المرور عليه لا يضمن الراش، ووضع الخشبة كالمرور في استيعاب الطريق وعدمه، وإن رش فناء حانوت بإذن صاحيه فالضمان على الآمر استحسانا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في ماله‏)‏؛ لأن العاقلة تتحمل النفس دون المال هداية ‏(‏قوله إن لم يأذن به‏)‏ أي بما ذكر من إحداث الكنيف والجرصن والدكان، ووضع الحجر وحفر البئر في الطريق أفاده القهستاني ‏(‏قوله الإمام‏)‏ أي السلطان قهستاني ‏(‏قوله فإن أذن إلخ‏)‏؛ لأنه غير متعد حينئذ فإن للإمام ولاية عامة على الطريق إذ ناب عن العامة، فكان كمن فعله في ملكه قهستاني قال في الدر المنتقى‏:‏ لكن إنما يجوز الإذن إذا لم يضر بالعامة وتمامه فيه فتنبه ‏(‏قوله جوعا أو عطشا‏)‏؛ لأنه مات بمعنى في نفسه والضمان إنما يجب إذا مات من الوقوع زيلعي ‏(‏قوله أو غما‏)‏ أي انخناقا بالعفونة قال في الصحاح يوم غم إذا كان يأخذ النفس من شدة الحر عناية وضبطه في الشرنبلالية بالضم، ثم نقل عن شرح المجمع الفتح‏.‏ ‏(‏قوله خلافا لمحمد‏)‏ فأوجب الضمان في الكل ووافق أبو يوسف الإمام في الجوع لا الغم ط ‏(‏قوله أو وسطه‏)‏ المراد وسطه الذي هو خارج عن ملك الوضع؛ لأن العلة في الضمان هي التعدي بشغل هواء الطريق كما ذكره الزيلعي، وهو بهذا المعنى يشمله لفظ الخارج، فلا حاجة إليه ولعله أراد بالخارج الطرف الأخير، فصح له ذكر الوسط، ومحل الضمان فيه وفيما قبله إذا لم يأذن الإمام أو أرباب المحلة كما تقدم ويدل عليه التعليل بالتعدي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فالضمان على واضعه‏)‏ أي على عاقلته وكذا يقال بعد؛ لأنه تسبب ط ‏(‏قوله كما بسطه الزيلعي‏)‏ حيث قال ولو أشرع جناحا إلى الطريق أو وضع فيه خشبة ثم باع الكل وتركه المشتري حتى عطب به إنسان، فالضمان على البائع؛ لأن فعله لم ينتسخ بزوال ملكه، بخلاف الحائط المائل إذا باعه بعد الإشهاد عليه، حيث لا يضمن المشتري؛ لأنه لم يشهد عليه ولا البائع؛ لأن الملك شرط لصحة الإشهاد، فيبطل بالبيع؛ لأنه لا يتمكن من نقض ملك الغير، وهنا الضمان بإشغال هواء الطريق لا باعتبار الملك، والإشغال باق فيضمن كما لو حصل من مستأجر أو مستعير أو غاصب وفي الحائط لا يضمن المالك ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله استحسانا‏)‏؛ لأنه في حال يضمن الكل وفي حال لا يضمن شيئا فيضمن النصف والقياس أن لا يضمن شيئا للشك وتمامه في الزيلعي‏.‏ ‏(‏قوله ومن نحى حجرا‏)‏ أي حوله عن موضعه إلى موضع آخر ‏(‏قوله فسقط منه على آخر‏)‏ وكذا إذا سقط فتعثر به إنسان هداية؛ لأن حمل المتاع في الطريق على رأسه أو على ظهره مباح له لكنه مقيد بشرط السلامة بمنزلة الرمي إلى الهدف أو الصيد زيلعي ‏(‏قوله أو دخل بحصير أو قنديل أو حصاة إلخ‏)‏ أي فسقط الحصير أو القنديل على أحد أو سقط الظرف الذي فيه الحصاة على أحد منح أقول‏:‏ وعبارة الهداية وإذا كان المسجد للعشيرة، فعلق رجل منهم فيه قنديلا، أو جعل فيه بواري أو حصاه إلخ والظاهر منها أن حصاه فعل ماض مشدد الصاد معطوف على جعل، ويدل على تفسير ابن كمال، وأما جعله مفردا بتاء الوحدة فهو بعيد، وكذا إرادة الظرف أبعد وفي منهيات ابن كمال ومن وهم أن المراد الظرف الذي فيه الحصاة فقد وهم ا هـ‏.‏ وقيد الشرنبلالي الخلاف في الضمان بما إذا فعل ذلك بلا إذن أهل المسجد فلو بإذنهم فلا ضمان اتفاقا كما لو كان من أهل المحلة وعلق القنديل للإضاءة فلو للحفظ ضمن اتفاقا كما في شرح المجمع ا هـ‏.‏ وجعل في البزازية إذن القاضي كإذن أهل المحلة ‏(‏قوله في مسجد غيره‏)‏ أي مسجد غير حيه ويأتي مفهومه والظاهر أن مسجد الجماعة حكمه في ذلك حكم مسجد حيه فلا يضمن بما ذكر ط ‏(‏قوله ولو لقرآن أو تعليم‏)‏؛ لأن المسجد بني للصلاة وغيرها تبع لها بدليل أنه إذا ضاق فللمصلي إزعاج القاعد للذكر أو القراءة أو التدريس؛ ليصلي موضعه دون العكس ‏(‏قوله لا يضمن من سقط منه رداء ألبسه‏)‏ أي سقط على إنسان فعطب به أو سقط فتعثر به أشار إليه في الهداية ثم قال‏:‏ والفرق أي بين المحمول والملبوس، أن حامل الشيء قاصد حفظه، فلا حرج في التقييد بوصف السلامة، واللابس لا يقصد حفظا ما يلبسه، فيتحرج بالتقييد بالسلامة؛ فجعل مباحا مطلقا، وعن محمد‏:‏ أنه إذا لبس ما لا يلبسه فهو كالحامل؛ لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه ا هـ‏.‏ وكالرداء السيف والطيلسان ونحوهما كما في الغاية‏.‏ ‏(‏قوله عليه‏)‏ متعلق بقوله لبسه لا يصح تعلقه بسقط لفساد المعنى فافهم ‏(‏قوله ففعل الغير مباح‏)‏ يقيد أن فعل الأهل واجب مثلا، وليس كذلك بل كلاهما مباح غير أن فعل الأهل مباح مطلق غير مقيد بالسلامة، وفعل غيره مباح مقيد بها ط ‏(‏قوله الحاصل أن الجالس للصلاة إلخ‏)‏ ذكر شمس الأئمة أن الصحيح من مذهب أبي حنيفة‏:‏ أن الجالس لانتظار الصلاة لا يضمن، وإنما الخلاف في عمل لا يكون له اختصاص بالمسجد كقراءة القرآن ودرس الفقه والحديث، وذكر في الذخيرة أنه إذا قعد فيه لحديث، أو نام فيه أو قام فيه لغير صلاة أو مر فيه مار ضمن عنده، وقالا‏:‏ لا يضمن، وإن قعد للعبادة كانتظار الصلاة أو الاعتكاف، أو قراءة القرآن، أو للتدريس، أو للذكر اختلف المتأخرون فيه على قولين بالضمان وعدمه زيلعي ملخصا ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي في مسجد حيه أو غيره ‏(‏قوله معزيا للزيلعي‏)‏ فإنه نقل عن الحلواني‏:‏ أن أكثر المشايخ أخذوا بقولهما وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ ونقل عن صدر الإسلام‏:‏ أن الأظهر ما قالاه؛ لأن الجلوس من ضرورات الصلاة، فيكون ملحقا بها‏.‏ وفي العيني بقولهما قالت الثلاثة وبه يفتى ا هـ‏.‏ ط‏.‏ ‏(‏قوله وقد حققته في شرح الملتقى‏)‏ حاصله ما قدمناه، وذكر أيضا أن الجلوس للكلام المحظور فيه الضمان اتفاقا وعليه يحمل ما أطلقه فخر الإسلام ‏(‏قوله وفيه لو استأجره إلخ‏)‏ ذكر الزيلعي وغيره ما حاصله أنه لو استأجره ليشرع له جناحا في فناء داره، وقال له ملكي أولى فيه حق الإشراع من القديم، ولم يعلم الأجير فظهر بخلافه، فسقط على إنسان قبل الفراغ، أو بعده‏.‏ فالضمان على الأجير، ويرجع على الآمر قياسا واستحسانا وإن أخبره بأن لا حق له في الإشراع، أو لم يخبره حتى بنى فسقط فأتلف إن قبل الفراغ ضمن، ولا يرجع وإن بعده فكذلك قياسا بفساد الأمر كما لو أمره بالبناء في الطريق، وفي الاستحسان يضمن الآمر لصحة الأمر؛ لأن فناءه مملوك له من حيث إن له الانتفاع، بشرط السلامة وغير مملوك من حيث إنه لا يجوز له بيعه، فمن حيث الصحة يكون قرار الضمان على الآمر بعد الفراغ، من حيث الفساد يكون على العامل قبل الفراغ، وإن استأجره ليحفر له في غير فنائه ضمن الآمر دون العامل، إذا لم يعلم أنه غير فنائه لصحة الأمر حينئذ، فنقل فعله إلى الآمر؛ لأنه غره فإن علم بذلك ضمن إذ لا غرور، فبقي الفعل مضافا إليه، ولو قال إنه فنائي وليس لي فيه حق الحفر ضمن العامل قياسا إذ لا غرور وفي الاستحسان يضمن الآمر ا هـ‏.‏ زاد في البزازية إن كان بعد الفراغ ا هـ‏.‏ فقد أفاد أن التفصيل قبل الفراغ أو بعده جار في الحفر أيضا كما ذكره الشارح فافهم، ووجه الفرق بين الحفر والإشراع، فإن الأجير في الإشراع إذا لم يعلم ضمن، ورجع على الآمر؛ وفي الحفر لم يضمن أصلا هو أن الآمر متسبب ومشرع الجناح مباشر بخلاف الحافر، فإنه متسبب أيضا والمتسبب يضمن إذا كان متعديا والمتعدي هنا هو الآمر فقط أتقاني ملخصا وفي المغرب‏:‏ الفناء سعة أمام البيوت وقيل ما امتد من جوانبها ‏(‏قوله فما أغره‏)‏ كذا وقع له في شرح الملتقى والفعل متعد بنفسه من غير همز قال في القاموس‏:‏ غره خدعه ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله وظاهره‏)‏ أي التقديم المأخوذ من قدم ترجيحه على الاستحسان، وهذا وإن ظهر في عبارة الملتقى لا يظهر في عبارة غيره خصوصا صاحب الهداية فإنهما يؤخران دليل المعتمد، وقد أخر الاستحسان مع دليله أفاده ط

‏(‏قوله أو في ملكه‏)‏ وكذا إذا حفر في فناء له فيه حق التصرف بأن لم يكن للعامة ولا مشتركا لأهل سكة غير نافذة ملتقى ‏(‏قوله وكذا كل ما فعل في طريق العامة‏)‏ أي من إخراج الكنيف والميزاب والجرصن، وبناء الدكان وإشراع الروشن، وحفر البئر وبناء الظلة وغرس الشجر ورمي الثلج، والجلوس للبيع إن فعله بأمر من له ولاية الأمر لم يضمن، وإلا ضمن أفاده في العناية ‏(‏قوله فتعمد إلخ‏)‏ تفريع على قوله أو وضع خشبة إلخ قال الرملي‏:‏ ويتعين حذفه؛ لأن الضمان منتف بالتعمد المذكور، وإن كان الوضع بإذن الإمام ا هـ‏.‏ لكنه يعلم بالأولى على أن هذا إنما يتأتى في قوله بلا إذن الإمام، أما قوله فتعمد فإنه يفسد المعنى بحذفه تأمل ‏(‏قوله لأن الإضافة إلخ‏)‏ تعليل للمسألتين الأخيرتين، وعلة الأوليين عدم التعدي في التبيين ‏(‏قوله من الفيافي‏)‏ قال في القاموس الفيف المكان المستوي أو المفازة لا ماء فيها كالفيفاة والفيفاء ويقصر جمعه أفياف وفيوف وفياف ا هـ‏.‏ ‏(‏قول لم يضمن‏)‏؛ لأنه غير متعد فيه؛ لأنه يملك الارتفاق بهذا الموضع نزولا وربطا للدابة وضربا للفسطاط من غير شرط السلامة؛ لأنه ليس فيه إبطال حق المرور على الناس، فكان له حق الارتفاق من حيث الحفر للطبخ أو الاستقاء فلا يكون متعديا بزازية ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ من كلام المجتبى، وقد نقل في المجتبى عن بعض الكتب تقييد الحفر في الفيافي بما إذا كان في غير ممر الناس، ثم نقل عن كتاب آخر، بدون هذا القيد ثم قال‏:‏ قلت وبهذا عرف إلخ فالإشارة إلى ما نقله ثانيا، وهو ما اقتصر عليه الشارح وحاصله أنه على الأول يضمن لو حفر في محجة الطريق بحيث يمر الناس والدواب عليها لا إن حفر يمنة أو يسرة بحيث لا يمر عليها، وهو ما في البزازية، عن المحيط وعلى الثاني‏:‏ لا يضمن مطلقا لإمكان العدول من المار عن مكان الحفر قال ط‏:‏ ولكنه لا يظهر في نحو الظلمة والبهائم المارة فيحمل المطلق على المقيد والله تعالى أعلم‏.‏ بالصواب‏.‏ ‏(‏قوله من حفرهم‏)‏ ومثله ما لو كانوا أعوانا له، وأما لو كان الحافر واحدا فانهارت عليه من حفره فدمه هدر ط عن الهندية عن المبسوط ‏(‏قوله خانية‏)‏ عبارتها؛ لأن البئر وقع بفعلهم، وكانوا مباشرين والميت مباشر أيضا إلخ ‏(‏قوله فينبغي أن لا يجب شيء إلخ‏)‏ قد علمت التصريح بأن ذلك قتل مباشرة، فيستوي فيه الملك وعدمه فهو بحث مخالف للمنقول ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ هو للمصنف في المنح‏.‏ ‏(‏قوله له كرم‏)‏ الكرم العنب قاموس ‏(‏قوله وأرضه تارة تكون مملوكة إلخ‏)‏ المراد أن أرضه لا تخلو عن أحد هذه الأشياء وليس المعنى أن هذه الأشياء تداولت على أرض واحدة ط ‏(‏قوله كأراضي بيت المال‏)‏ الكاف للتمثيل إن أريد بقوله مملوكة أي لعامة المسلمين أو للتنظير إن أريد به ملكها لمن هي في يده‏:‏ أي عليها الخراج نظير أراضي بيت المال فإن أغلبها خراجية تأمل ‏(‏قوله وتارة تكون في يده إلخ‏)‏ الذي رأيته في المنح وتارة تكون للوقف وتكون في يده مدة طويلة إلخ وهذا أولى؛ لأن ما تكون في يده كذلك هي أراضي بيت المال أو الوقف ‏(‏قوله يؤدي خراجها‏)‏ المناسب أجرتها، ولو قلنا إنها لبيت المال لما في فتح القدير‏:‏ إن المأخوذ الآن من أراضي مصر أجرة لا خراج ألا ترى أنها ليست مملوكة للزراع كأنه لموت المالكين شيئا فشيئا بلا وارث فصارت لبيت المال ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله على الأجراء‏)‏ بمد آخره جمع أجير وفي بعض النسخ الآجر بمد أوله، وهو الأجير؛ لأنه أجر نفسه والأولى أولى ‏(‏قوله كما يفيده كلام الجوهرة‏)‏ أي السابق وهو قوله؛ لأن الفعل مباح فما يحدث غير مضمون‏.‏ ‏(‏قوله و يحمل إطلاق الفتاوى‏)‏ أي إطلاق الخانية وغيرها الضمان على ما وقع مقيدا في عبارة الجوهرة بقوله، وهذا لو البئر في الطريق، لوجود الشرط الذي ذكره الأصوليون في حمل المطلق على المقيد، وهو اتحاد الحكم والحادثة، والحكم هنا هو الضمان والحادثة هي الحفر في الطريق، ونظيره صوم كفارة اليمين فإنه في الآية مطلق، وقيد بالتتابع في قراءة ابن مسعود فيحمل المطلق على المقيد لاتحاد الحكم وهو الصوم والحادثة وهي كفارة اليمين ضرورة تعذر الجمع، وفي هذا الكلام نظر فإنه لا نص هنا، وتقييد الجوهرة الضمان بما إذا كان في الطريق ينافيه تصريحهم بضمان المباشر ولو في الملك ولذا قال الرملي‏:‏ الظاهر أنه قاله بحثا لا نقلا ولا يخفى فساده لتصريحهم بأنه مباشرة لا تسبب، وفي المباشرة لا ينظر إلى كون الفعل في ملكه أو لا؛ كمن رمى سهما في ملكه فأصاب شخصا، فإنه يضمن، وإذا فقد عرفت أن الحكم في الحادثة التي تكرر وقوعها وجوب الضمان على الكيفية المذكورة على الأجراء ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله فروع إلخ‏)‏ ساقط من بعض النسخ، وقدمنا الكلام عليها والله تعالى أعلم‏.‏